محادثات النقب: تطبيع أم إشهار لعلاقات تاريخية؟

بالأمس القريب فقط، كانت الدول العربية تندد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، و قبل أعوام فحسب، كانت دول الخليج الأولى على قائمة الداعمين لفلسطين ماليا و معنويا، و هل ينسى العالم “هدى الغالية” و عشرات غيرها ممن أدخلتهم الأبواق الإعلامية إلى مسيرة دعاية الوفاء للخليج؟
أما اليوم فتنقلب الطاولة رأسا على عقب، أو لعل الدول العربية سئمت لعبة الدب الأعمى مع شعوبها، فكشفت القناع عن وجهها خلال ما أسمته “حل الدولتين”، فيما لقبتها الشعوب بـ”الحكومات المطبعة”، و الحقيقة أن الاثنان يعلمان أن لا وجود لتطبيع، فعلاقات هذه الدول مع الكيان الصهيوني قديمة و متجذرة في كيانها، و تقارير تواجد الموساد و الصهاينة على أراضيها المقدسة و العادية كثيرة، ناهيك عن إقامة الأعياد اليهودية في قلب عواصم الخليج، إضافة إلى علاقات “إرينا تسوكرمان” مع “محمد العيسى”، ربط دول خليجية نفسها بإسرائيل عبر خطوط كابلات إنترنت، سماحها بالتحليق فوق أراضيها و غيرها من الأدلة المبرهنة على وجود روابط عميقة بين حكام العرب و كيان العدو.
نقاط بحر كشف العلاقات لا تنتهي هنا، فأمس فقط توجهت أربع دول عربية إلى أراضي فلسطين المحتلة للمشاركة في قمة النقب لإحياء ما يدعى بـ”السلام بين الدولتين”، و ذلك بمباركة أمريكية و لعنات إيرانية، حيث ندد وزير الخارجية الإيرانية “أمير عبداللهيان” بالقمة داعيا إياها بالخيانة، فيما بشر المتحدث باسم الوزارة “سعيد خطيب زاده” هذه الدول بالخذلان و العار.
و رغم مقاطعة شابين فلسطينيين للمحادثات خلال عمليات الخضيرة، و المسبوقة بعملية فدائية أخرى في بئر السبع، حيث هلك فيهما من هلك من الصهاينة، يبقى عرق الخيانة طاغيا على المشاركين بالقمة، حيث أدانوا العملية داعين الفلسطينيين “لنبذ الإرهاب”، دون أن ينسوا إيران التي تناقشوا فيما بينهم ملفها النووي “التهديدي”، حيث أعلنت وسائل إعلام عبرية استهداف الدول المجتمعة تشكيلها تحالف مع الاحتلال لمواجهة إيران.
محادثات النقب لم تكن سوى رأس جبل الجليد بالنسبة للشعوب العربية، أما حكام العرب فهم لم يدركوا بعد وقوفهم على جزيرة الحوت الغير ثابتة، و التي تحذر إيران من بلعه لهم في أي لحظة، في صرخات لا تجد سوى آذان صماء.
فاطمة آل يعقوب