بواخر الأشباح الإيرانية.. القيود تتحطم

 بواخر الأشباح الإيرانية.. القيود تتحطم

خسر الهولندي الطائر سمعته في الذاكرة الأمريكية أمام سفن الإيرانيين، و استحوذت بواخر ماهشر و بندر عباس على مكانة الهولندي منذ بدأت إيران بزيادة صادراتها من النفط إلى دول العالم، كاسرة بذلك سلسلة العقوبات الغربية التي لم تستطع منع إيران من مضاعفة تصديرها نفطها إلى الشرق الآسيوي.

يشكل حجم احتياطي النفط الإيراني 10% من الاحتياطي العالمي، و يحتل 13% من الذخائر النفطية في منظمة الأوبك، و كانت البراميل الإيرانية تحط على شطآن مشتريها في آسيا بأرقام كبيرة دفعت الصحف عام 2015 إلى توقع دخول طهران الأسواق العالمية للنفط بقوة، لكن سرعانما تبددت الآمال بطوق حصار شديد فرضته الحكومة الأمريكية عقب انسحابها من الاتفاق النووي أبان حكم ترامب، كما حذر هذا الأخير الصين، الهند، كوريا الجنوبية، اليابان و تركيا من مواصلة شراء النفط الإيراني و أمهلهم لإيجاد بائع جديد، فيما أكد وزير خارجيته “مايكل بومبيو” أن حكومته ستوصل صادرات إيران النفطية إلى الصفر.

التوعدات الأمريكية تركت أثرها على النفط الإيراني الذي انخفض تصديره إلى النصف في أواخر 2018 مقارنة ببدايتها، حيث وصل عدد البراميل المصدرة للخارج إلى مليون برميل يوميا فقط، ما تسبب في ركود سوق هذا المنتج الإيراني، رغم ذلك، ارتفع تصدير إيران لنفطها مع قدوم 2019، و زادت أعداد البراميل الإيرانية في مستودعات الصين، كما عاد إنتاجها من النفط إلى ما قبل العقوبات، أي أنه ارتقى 40% في 2022 بالنسبة إلى السنوات السابقة، فما الذي حدث؟

شرعت سلسلة الحظر الأمريكية بالتآكل منذ التفت البواخر الإيرانية حولها، و تقول صحف أمريكية و عربية أن السفن الإيرانية تحجب تتبع إبحارها بنسبة 80% مانعة العين الأمريكية من اكتشاف وجهتها و ما تنقله ، مع تحميل شاحنات نقل لنفطها لتعبر من العراق و آذربيجان، و هو ما يفسر تزايد الطلب الصيني على النفط الخام الإيراني بنسبة 28% حسب رويترز، فيما لا تزال أرقام شراء الدول الأخرى للذهب الأسود الإيراني غير معلنة.

ناقلة نفط إيرانية تسلم حمولتها إلى الصين.

 ليس ذلك فحسب، فبعد تسلم الرئيس الإيراني الجديد مقاليد السلطة، يصرح بعدم انتظار اقتصاد بلاده للمفاوضات النووية و التحاق أمريكا بالاتفاق النووي الجديد، حيث شمر عن ساعديه لعقد الاتفاقات النفطية مع دول و شركات عديدة، و أبرمت وزراة النفط الإيرانية 50 عقدا خلال الأشهر الثلاث المنصرمة بقيمة 16.5 مليار دولار مع شركات أجنبية لم تسمها، مع رفع أسعار النفط الخام للدول الآسيوية 8.05 دولارا أعلى من نظيراتها من الدول الخليجية.

الالتفاف الإيراني السلمي حول العقوبات لم يلق ترحيبا لدى الولايات المتحدة، فسعت الأخيرة بعد اعترافها بعدم جدوى حظرها إلى استخدام القوة التي تجلت في محاولة يائسة للاستيلاء على ناقلة نفط إيرانية في بحر عمان في نوفمبر الماضي، قبل تدخل الحرس الثوري و طرد القوات الأمريكية من محيط السفينة المستهدفة.

إحباط الحرس الثوري محاولة سرقة القوات الأمريكية لناقلة النفط الإيرانية.

 

فشل القرصنة البحرية و الاقتصادية الأمريكية ترك أثرا في الاقتصاد الإيراني الذي تراجع تضخمه بنسبة 5% أثناء العامين الماضيين، و إذا ما استغلت طهران أزمة الطاقة التي تمر بها الدول الأوروبية جراء الحرب الأوكرانية، فإن السلاسل الأمريكية لن تكون صدئة فقط، بل ستنقلب خيطا رفيعا تقطعه أشباح إيران.

 

مقال: فاطمة آل يعقوب.  

مقالات ذات صلة

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *