بعد خسارات في الأموال و الأرواح: أمريكا تقول أن الشغب في إيران سلمي و تفرض عقوبات عليها

أربعون يوما لم تدخر الولايات المتحدة فيها أي جهد لإخفاء حقيقة دعمها للاحتجاجات التي اندلعت بإيران إثر وفاة فتاة كردية بأحد مستشفيات العاصمة طهران، ذات الشابة التي حظيت قضيتها بتغطية إعلامية واسعة في القنوات الفارسية المستقرة في لندن كما نظيرتها الناطقة بالإنجليزية في أمريكا، حيث وجهت هذه أصابع الاتهام إلى الشرطية الإيرانية مدعية أنها قتلت “مهسا أميني”، و نشرت دعايات ذلك في وسائل التواصل الاجتماعية الأكثر استعمالا في إيران :الواتساب و الإنستجرام قبل حتى خروج تقرير الطب الشرعي الذي شارك فيه تسعة عشر طبيبا دقوا آخر مسامير الشك في نعش موت “أميني”: وفاة سببتها أمراض الدماغ.
الفترة ما بين موت “أميني” و إعلان تقرير الطب الشرعي تخللتها احتجاجات اتخذت طابعا سلميا في البداية رغم ركاكة شعارات المشاركين فيها، لكنها تحولت مع مرور الوقت إلى هجوم شرس على سيارات الإسعاف، حافلات نقل الركاب، المحجبات، عناصر قوات التعبئة و الشرطة، و صار شعار “المرأة، الحياة، الحرية” حربة لتوجيهها إلى مناطق شاسعة في الشمال، الغرب و الشرق الإيراني لفصله عن وطنه الأصلي، حيث ظهرت فيها من جديد ذات الحركات الانفصالية التي واجهت الحكومة الإيرانية أوائل انتصار الثورة الإسلامية، كما لاحظ سكان كردستان ظهور كومله من جديد بعد هروب أعضائها إلى العراق الذي خدمت النظام البعثي فيه أبان حربه الجائرة على إيران، فيما وجدت سيستان و پلوچستان نفسها في مواجهة مع جيش العدل الذي تصنفه عدة دول، بمن فيها الولايات المتحدة الأمريكية، كمنظمة إرهابية تختطف المدنيين و حرس الحدود في المحافظة البلوشية منذ سنوات عدة، في قضية أرهقت السلطات الباكستانية منذ 2013 حينما حاولت إطلاق سراح خمسة من الحرس الحدودي الإيراني اختطفهم جيش العدل و نقلهم إلى أراضيها.
كل هذا و أكثر خرج مع انخفاض أعداد المظاهرات التي تنعاها واشنطن اليوم بوصفها “حركة شجاعة”، و ليثبت البيت الأبيض ولاءه الغير مشروط فرض عقوبات جديدة على 14 شخصية إيرانية قالت الخزانة الأمريكية أنها “قمعت المتظاهرين”، من ضمنهم أعضاء في الحرس الثوري، فيلق سلمان في زاهدان، محافظ سيستان و بلوچستان، مسؤولون في سجون كردستان، زاهدان و إيفين، إضافة إلى موظفين في وزارة الاستخبارات و شركة سحاب برداز.
و كانت الحكومة الأمريكية أعلنت في وقت سابق رفعها لعقوبات فرضتها من قبل على الإنترنت في إيران، مصرحة بأنها تريد دعم الحرية في طهران و المدن الإيرانية عندما كانت تجوبها عناصر الشغب و العنف، ما اعتبرته طهران “تدخلا سافرا” في شؤونها الداخلية، الأمر الذي ارتقى ليكون “توجيها مباشرا للاحتجاجات و تخطيطا لها” بعد الكشف عن تواجد جاسوسين أمريكيين في مستشفى كسرى قبيل مفارقة “مهسا أميني” للحياة فيه.